یقول الإمام المهدي والمسيح الموعودعليه السلام: وأما عباد الله الصادقون، وعشّاقه المخلصون، فهم يصلِون إلى لُبّ الحقائق، ودُهن الدقائق، ويغرس الله في قلوبهم شجرة عظمته ودوحة جلاله وعزّته، فيعيشون بمحبته ويموتون لمحبته، وإذا جاء وقت الحشر فيقومون من القبور في محبته. قوم فانون، ولله موجَعون، وإلى الله متبتّلون، وبتحريكه يتحركون، وبإنطاقه ينطقون، وبتبصيره يبصرون، وبإيمائه يُعادون أو يُوالون.
الإيمان إيمانهم، والعدم مكانهم، سُتِروا في ملاحف غيرة الله فلا يعرفهم أحد من المحجوبين. يُعرفون بالآيات وخرقِ العادات والتأييدات مِن ربّ يتولاهم، وأنعمَ عليهم بأنواع الإنعامات. يدركهم عند كل مصيبة، وينصرهم في كل معركة بنصر مبين. إنهم تلاميذ الرحمن، واللهُ كان لهم كالقوابل للصبيان، فيكون كل حركتهم مِن يد القدرة، ومِن مُحرِّكٍ غاب من أعين البريّة، ويكون كل فعلهم خارقا للعادة، ويفوقون الناس في جميع أنواع السعادة؛ فصبرهم كرامة، وصدقهم كرامة، ووفاؤهم كرامة، ورضاؤهم كرامة، وحلمهم كرامة، وعلمهم كرامة، وحياؤهم كرامة، ودعاؤهم كرامة، وكلماتهم كرامة، وعباداتهم كرامة، وثباتهم كرامة؛ وينزلون من الله بمنزلة لا يعلمها الخلق. وإنهم قوم لا يشقى جليسهم، ولا يُرَدُّ أنيسهم، وتجد ريّا المحبوب في مجالسهم، ونسيم البركات في محافلهم، إن كنتَ لست أخشَمَ ومن المحرومين. وينزل بركات على جدرانهم وأبوابهم وأحبابهم، فتراها إن كنتَ لستَ من قوم عمين.
( سِرُّ الخلافة )